كان اخناتون أول شخصية ظهرت في التاريخ تحرز مكانتها السامية بنفاذ البصيرة وحسن التدبير والتفكير العقلي ، فلقد نهض بنفسه علانية وثار في وجه كل التقاليد ونبذها ، فقد كانت كل الوثائق الدينية قبل عهده تنسب عادة إلى الملوك الأولين والحكماء القدامى ، وكانت قوة أي عقيدة ترتكز بوجه خاص على ما يعزى إليها من الأقديمة الساحقة ، فلم يلجأ أخناتون فى توطيد ديانته الجديدة إلى انتحال الأساطير مثل غيره من الملوك الاقدمين ، بل اعتمد فقط على البراهين الظاهرة الدالة بنفسها على سلطان الهه وهي أدله يشهدها الجميع ، لم يتخذ ربه صورة انسانية أو حيوانية كغيرة من أرباب مصر القديمة بل إن هذا الاله الحق هو خالق حرارة الشمس ومغذيها ، فهو القوة الكامنة في قرصها ، وليس ما في قرص الشمس المشرقة والآفلة الا رمزاً للقدرة الغلهية ، فلأشعة التي كانت تخرج من قرص الشمس وتنتهي بأيد بشرية ما هي إلا إشارة إلى ما يغمر به الاله " آتون " الإنسان والحيوان والنبات من اسباب الحياة ، وهي رمز تصويري لقدرة الخالق ورحمته التى تهبط من أعلى عليين إلى الأرض لتعول الكائنات الحية وتمدها بأسباب الحياة والنمو والإزدهار.