Dyson sphere

تميّز الإنسان منذ لحظة وجوده بالفطنة والذكاء، فهو ذلك الإنسان الذي استطاع خلال فترة زمنيّة لا يُمكن وصفها بالطويلة أن يقوم بنهضة شاملة على كافة المستويات، مكّنته من حكم كوكب الأرض وتسخير كل طاقته لخدمته. بدأت مسيرة الإنسان في تحقيق هذه النجاحات الفريدة من نوعها، عندما أدرك أهمية الطاقة وعلم أنه إذا أستطاع التحكّم بها في جميع حالاتها وأشكالها فإنه سوف يتمكّن من فرض هيمنته وسيطرته على هذا الكوكب، وهذا ما حدث فعلًا؛ حيث استطاع الإنسان بكلّ براعة وإتقان من إنشاء مولّدات تقوم بتحويل الطاقة من شكل الى آخر، كما استطاع التحكّم بمقدار الطاقة الداخلة والخارجة من كلّ نظام. و لكن طموح الإنسان لم يتوقّف عند هذه الدرجة، فقد توجّهت أنظاره الى ما وراء الكوكب، فقد ظهرت فكرة الاستفادة من طاقة النجوم المحيطة وأهمّها ‫#‏الشمس‬؛ لتغذية محطّاتنا بالطاقة اللازمة، لكن هذه المهمّة وُصفت بالصعبة إلى حدّ ما، فحتّى الآن لم يستطع الإنسان الاستفادة إلّا من جزء ضئيل من طاقة الشمس، ممّا جعل الفيزيائي ورائد الفضاء ""فريمان دايسون"" أن يهمّ بطرح ورقة علميّة صغيرة لا يزيد مقدارها عن صفحتين، تحدّث فيهما عن فكرة لبناء افتراضيّ كرويّ الشكل يُحيط بالنجم، بحيث يقوم هذا البناء بامتصاص أغلب الطاقة المُنبعثة من هذا النجم، وبهذا يستطيع الإنسان ضمان حماية حضارته من الفناء الذي يعزى سببه إلى نفاذ مصادر الطاقة المُحتملة، كما أنّ السبب الآخر لهذا الطرح؛ هو إيمان دايسون بأنّ طاقة كوكبنا أو حتى طاقة نظامنا الشمسيّ لا تكفي لتلبية طموحاتنا نحن بنو البشر في غزو الفضاء. ولكن مفعول هذه الفرضية لم ينتهِ عند هذا الحد، فقد أدرك العلماء بأنّنا إذا قمنا بالبحث عن مثل هذا البناء في الفضاء، فإنّ ذلك سوف يقودنا الى اكتشاف أماكن اختباء الحضارات المُتقدّمة الأخرى الموجودة في هذا الكون؛ حيث تقوم هذه الفكرة على أنه إذا أحاطت كرة دايسون بنجم ما، فإنه سوف يقوم بامتصاص معظم طاقة، وعليه فإن النجم لن يظهر بالسماء، لكنّه سوف يستمرّ بإشعاع طاقة تحت مراء حرارية، فلو مثلًا استطاعت مراصدنا رصد مثل هذا النوع من الطاقة المُنبعثة من غير مصدر، فمن المحتمل أن يقودنا هذا الرصد إلى مِغلاف دايسون الخاص بحضارة أخرى ممّا يُمكّننا من اكتشافها. في الحقيقة اكتسبت هذه الفكرة شهرة واسعة عند القرّاء والكُتّاب والمؤلّفين، فقد استعان الكثير منهم بهذه الفكرة من أجل كتابة أفلامهم وبخاصّة تلك المتعلّقة بموضوع الخيال العلمي، كما أنّ الكثير من المصادر أكّدت على أن دايسون استنبط هذه الفكرة بعد قرائته لرواية صانع النجوم "" star maker"".