هل صحوت يوماً لتجد أن حجم الأرض أصبح ضعف حجمها الأصلي الذي كانت عليه يوم أمس؟ بالطبع لا. كثيراً ما نفكر في أمور مستحيلة الحدوث، وقد يرى البعض في هذا النوع من التفكير مضيعة للوقت، لكن لننظر إلى الصورة بشكل كامل.. فمن الجميل دراسة تأثيرات كهذه على حياتنا -ولو كانت مستحيلة الحدوث- لهدف معرفة أهمية التوازن الطبيعي الذي نعيش به في حياتنا. لنعُد قليلاً إلى بداية المقال، ولنفرض أن حجم الأرض تضاعف بشكل مفاجئ، فبعد اللجوء إلى قوانين الفيزياء –وبالتحديد قانون الجذب العام- نجد أن ذلك سيؤدي إلى مضاعفة قوة الجاذبية الأرضية، أي أنه سيعمل على زيادة أوزان الأجسام إلى الضعف. هذا سيؤثر بالتأكيد على قدرة الكائنات على السير، فهذا التغير المفاجئ يؤدي مع مرور الوقت إلى تغيير في الجزء السفلي من الهيكل العظمي، إذ ستصبح عظام الأرجل أكثر سُمكاً ومتانة لتصبح قادرة على حمل الوزن الجديد للكائنات. كما سيصبح ظهر الإنسان محنيّاً نظراً لصعوبة بقاء العمود الفقري منتصباً، ومع مرور الأجيال سينمو الإنسان إلى طول أقل من الطول المعتاد. عدا عن ذلك فإن للأشجار حد أقصى للطول بالوضع الطبيعي، حيث أن الحد الأقصى علميًا لطول الشجر هو 120م. هذا الطول الأقصى يعتمد على مقدار الجاذبية الأرضية للأجسام فكما نعرف من دروس الأحياء في المدرسة، إن المواد التي تعطي الحياة والطاقة للأشجار تنتقل بداخلها لتصل إلى جميع أجزاء الشجرة بدءاً من الجذور وحتى تصل إلى قمة الشجرة. وفي حال تضاعفت قوة الجاذبية الأرضية فإن هذه المواد لن تستطع من الوصول إلى قمة هذه الشجرة، ومع مرور الوقت قد تعمل الجاذبية على إسقاطها أرضاً بعد كسرها. وبما أن الكائنات تتكيف مع المحيط والوسط الذي تعيش فيه، فبالتالي ستنمو الأشجار إلى ارتفاعات أقل من الارتفاعات المعتادة كي تتمكن المواد التي تزود الشجرة بالطاقة من الوصول إلى كامل أجزائها. إضافة إلى ما سبق، ستصل حرارة باطن الأرض في هذه الحالة بشكل أكبر إلى السطح، ومع وجود الضغط سيؤدي ذلك إلى ظهور الكثير من البراكين الجديدة على أرضنا! قد يكون نمط الحياة للأجيال المستقبلية -بأطوال أقل وبراكين عديدة- أمراً معتاداً جداً، لكن يبقى المعتاد في حياتنا ضمن ظروفنا المتوازنة (بنظرنا) ليس كالمعتاد بنظر تلك الأجيال!