يُعدُّ العقلُ البشريُّ من أكثر الأُحجياتِ تعقيداً على الإطلاق، فلا تزال معرفةُ طريقةِ عمله تشكِّل حاجزاً منيعاً أمام كُلِّ من علماء النفس و الأعصاب على حدٍّ سواء، فعلى سبيل المثال إذا أخذنا الدافع و الشغف و الطموح و الخوف كمجموعةٍ من الحوافز التي تثير الدماغ فسنرى بأنه سيعمل بطريقةٍ عجيبةٍ ليقود الإنسان إلى الكمال أو حتى الجنون؛ معتمداً بذلك على الطابع التفكيري للإنسان و الظروف المحيطة ِ به. و من هنا و بالتعمّق أكثر في هذه الحوافز و المعطيات التي لخّصت لنا آثارها على العقل أصبح من الممكن لنا أن نفهم الطريقة التي عمل بها السلوك البشري خلال القرن الماضي، القرن الذي تميّز به العقل بالجنون الكامل على كافة الأصعدة و المجالات صانعاً لنا حربان عالَميتان غيرتا ملامحَ العالم و قادتاهُ إلى حربٍ أعظم، بطلُها "العلم" لتبدأ الأممُ منافسةً أخرى من نوع جديد. إحدى هذه الأمم كانت "الولايات المتحدة الأمريكية" إذ أنها و خلال الحرب العالمية الثانية حاولت ابتكار إستراتيجيةٍ عسكريةٍ جديدة و حديثة لمباغتةِ العدوِّ و مهاجمته، يدورُ محور هذه الإستراتيجية على إخفاء سفينةٍ حربيةٍ في البحر و بين سفن العدو و من ثم الإنقضاض عليها بطريقة مفاجئة. و ببغيةِ إتمام العمل على هذه الطريقة تبنّى كلُّ من المخابرات الأمريكية و البحرية الأمريكية زمامَ الأمور لنشهد على تجربة تصنَّف من أكثر التجارب جنوناً على الإطلاق ألا وهي "تجربة فيلادلفيا". اعتمدت هذه التجربة في أساسها على نظريةٍ كان قد طرحها العالم الفيزيائي الشهير "ألبرت آينشتاين " في أوائل القرن العشرين و التي سمّيت بنظرية الحقل الموحد و التي تنص على أن الجاذبية الأرضية نتاجٌ من اندماج مجموعة قوى منها: الطاقة الكهربائية و النووية و الإشعاعات الكونية و المجالات المغناطيسية للأرض، و أنه إذا تمكنا من التغيير بهذه القوى بإمكاننا التحكُّم بكلٍ من الزمان و المكان لارتباطهما الوثيق بالجاذبية الأرضية. و بناءاً على دراسات كان قد قام بها سابقاً فريق عمل مكون من جون هانشتستون،نيكولا تسلا و ألبرت آينشتاين، قامت المخابرات الأمريكية عام"1940"م بتجربة هذه الدراسات على سفينة فارغة مما أعطى نتائج مبشرة للحكومة الأمريكية على إتمام هذا المشروع و تطبيقه على سفينةٍ بطاقم مما أثار تحفظات بعض أفراد فريق العمل مثل نيكولا تسلا فدفعهم ذلك للإنسحاب من المشروع. في عام "1943"م و على سواحل ولاية فيلادلفيا الأمريكية قامت الحكومة الأمريكية بتجهيز سفينة مع طاقم عملها لإنهاء العمل على هذا المشروع، حيث قامت بتكوين مجالات كهرومغناطيسية عالية حول السفينة عن طريق إصدار كم هائل من الذبذبات ذات التردد العالي، مما أدى إلى تكوين ضباب حول السفينة و اختفائها عن السواحل كلياً ، و رصدها أيضاً على شواطئ ولاية فيرجينيا مما يعني أن التجربة حققت نجاحاً غير مسبوق بجعل الأجسام تختفي وتنتقل إلى مكان آخر . و لكن و بعد انتهاء التجربة كانت الآثار على طاقم العمل غير محمودة حيث تم تسجيل حالات اختفاء و موت بعض الطاقم و إصابة البعض الآخر بالجنون إثر رؤيتهم لأموات و أشباح و وحوش و لكن كان الأدهش و الأكثر غرابة هو إيجادهم لفردين من الطاقم أجسامهم ملتصقة بالسفينة، و يعود سبب ذلك إلى ما حذّر منه العالم تسلا الحكومة الأمريكية بأن الإنسان غير قادر على تحمل الترددات و الذبذبات العالية. لاحقاً شكلت هذه التجربة جدلاً كبيراً في الأوساط المختلفة مما دفع الحكومة الأمريكية إلى إنكار حقيقةِ قيامها بهذه التجربة و أن السفينة و طاقمها اختفوا في ظروف الحرب في البحر، فتراوحت التحريات على صحتها من عدمها، فالبعض ذهب لتقديم الأدلة المختلفة، كتجنيد البحرية لألبرت آينشتاين عام "1943"م و البعض الآخر استبعد حدوثها كما أثارت هذه القصة مخيلةَ العديد من المخرجين والكتّاب لتكون محور أعمالهم، حيث كانت آخرها الفيلم السينمائي .The Philadelpha Experiment 2012