" الهندسةُ الاجتماعيَّة " تعتبرُ الهندسة أحد أعرقِ العلومِ و أوسعُها انتشاراً ، وذلك بسببِ مايُسمَّى "بالسَطوة" و "الهيْمنة" التي حقَّقها داخل كياناتِ العلوم الأُخرى ، و كأنَّه عبارةٌ عن أمَّة تسطِّرُ مجْدها لا تكلُّ و لا تملُّ دون أنْ تزرعَ أثرَها و بكلِّ فخرٍ داخل قريناتِها من الأُمم ، إذْ لا نزالُ نقرأُ و نشاهدُ بين الحينِ و الآخرْ عمَّا سطَّرهُ هذا العلمُ الشامخُ من إنجازات ٍ و تطورات ٍ في مسيرَته و التي كرَّسها لبناءِ علاقات مودةٍ و احترام مع سائِر المجالات الأُخرى ، سواء كان ذلك في المَجال الطِّبيّ ، أو الزراعيّ ، أو الفَضاءِ و المِلاحة ، وحتى النُظم و غيرها العديدَ العديدَ من المجالات إلى أنْ نصلَ إلى ما يُسمَّى بالهندسةِ الاجتماعيَّة . و على الرغم من أنَّه يُعدُّ أحد العلوم النفسيَّة إلا أنَّه حازَ و بكلِّ فَخر على شراكةٍ مع علمِ الهندسةِ في مُسماه ، و ذلك لتميُّزه بصفاتِه المختلفة من تحليلِ النظرياتِ المُختلفة ، و استقساءِ نِقاط الضعْف داخل المُشكلة "المُشكلة = الهَدف" و وضع حلٍّ لهذه المُشكلة ، بالإضافة إلى بناءِ العديد من الخُطط البديلة للوصولِ إلى الغاية المَنشودة . الهندسةُ الاجتماعيَّة أو ما يُسمَّى بفنِّ اختراقِ العُقول ، علمٌ من علوم الاجتماع يُعنى بدراسةِ سلوك الإنسان و استخدام الحيلِ ضدّه للحصول على بياناتٍ قد تكون سريَّة و في غاية الأهميَّة و من شأنها تغيير مسار العديد من الأحداث المستقبليَّة اتجاه موضوعٍ مُعيَّن من نواحي السَّيطرة و اتخاذِ القرار ، كما أنها تعتمدُ في مبدأ عملِها على عدَّة خَصائِص و أهمُّها كما يرى علماءُ الاجتماع هي الحالةُ النفسيَّة للإنسان من ما يُحفِّزه و يُثيره إلى ما يُشكِكُه و يُرهبه . كما كان للهندسةِ الإجتماعيَّة تأثيرُها الملحوظُ في عمليَّات الاختراقِ في الآونةِ الأخيرة ، و ذلك باعتبارِ العُنصر البشريِّ أقلَ تعقيدًا و أسهل اختراقاً من الحواسيب التي تحتاجُ الكثير من الشيفراتِ و التحدياتِ لاختراقِه ، في حين يُمكن للمُخترقِ و بعدةِ أسئلةٍ أو أفعال قد تكون جديَّة أو غير جديَّة أن توصِله لهدفهِ و الإيقاع بالضحيّة في الفخِّ المَنصوب ، إذ أنَّه في هذه المِهنة دوماً و دائماً ما تكون الغاية تبررُ الوسيلة. يرتكزُ المُهندسُ الاجتماعيّ في طيَّاته على تعلُّم العديد من المهاراتِ التي من شأنِها أنْ تسهلَ عمَله و تجعلهُ أكثر فاعليَّة ، إذ لا بدَّ له أن يمتازَ بعدَّة صِفاتٍ تؤَهلُه للتعاملِ مع العقلِ البشريّ ، و من أهم هذه الصفاتِ أنْ يمتلكَ مهاراتَ التعاملُ مع الآخرين ، و التحدثُ بفاعليَّة ، و إيجاد حلولٍ إبداعيَّة تجعلهُ مُسيطراً على الحوار ، و تَجبرُ الضحية على الإفصاح عمَّا لديه ، و من الناحيةِ التقنيَّة يجبُ عليه أن يكونَ على اطلاعٍ دائمٍ لما حقَّقتهُ التُكنولوجيا من تقدمٍ في وسائلِ الاتصال سواء أكانت عبرَ الإنترنت أو الهاتف أو حتى التواصل الشخصيّ ؛ مما يُتيح له استهدافَ مُختلفِ أنواع الضحايا سواء كانوا أشخاصاً عاديين أو شركات . تتعددُ تقنياتُ المهندسِ الاجتماعيّ في الإيقاع في ضحيَّته ، إذ غالباً ما يحرصُ على إظهارِ شراستِه بشتّى الطُّرق و السُّبل ، فهو كما ذكرنا سابقاً غايته تبررُ الوسيلة مهما كانت ؛ فقد يستخدمُ التطبيقاتَ الوهميَّة ، او أساليب التَّنصُت و انتحال الشخصيَّة ، و عمليات اصطياد الكلام ، أو ما يحتاج احترافيَّة عالية و كمية كبيرة من الخِبرات ألا وهو أسلوب الهندسة الاجتماعيَّة العكسيَّة ، و الذي ظهر به أبرزُ مهندسٍ اجتماعي على الإطلاق (فرانك أباغنال) و هو الذي تميَّز دوماً بظهورهِ بمظهرِ صاحب السُّلطة و القوة أثناء عملياتِ احتياله ، إذ جعل من نفسه طياراً و طبيباً و محامياً و جاب العالم بقدُراته إلا أنْ لفتت قصَّته انتباه الكتَّاب و استوحوا من قصة حياته ، العملَ السينمائيّ الذي لاقى استِحسان الجميع “catch me if you can” . و لحمايةِ أنفُسنا من التعرُّض للاحتيال عن طريق الهندسةِ الاجتماعيَّة ينصحُنا علماءُ الاجتماع بالبقاءِ دوماً على حذرٍ من مشاركة بياناتنا الخاصة مع الآخرين ، و التأكدِ من هويَّة الأشخاص المُتعامل معهم في المعاملات الرسميَّة ، و تأمينِ جميع الحساباتِ التي نملُكها بين و الآخر و بشكل دوريّ تجنباً للتعرُّض من الوقوعِ تحت أنيابِ المُحتالين و المُخادعين .