تشعرُ بأنَّك تلمسُ الأشياء فعلاً ؟ عزيزي ، إنْ كنْت جالساً عليك الوقوف .. هل شعرتَ بأنَّك حقاً لامساً للأرضِ أسفلَك ؟ حاول أن تضعَ يدكَ بيد أحدٍ من أصدقائِك ، شعرتَ بأنَّك تلمسُ يدهُ وتصلَ لأعمقِ نقطةٍ داخلَها ؟ إنْ كانت إجابتك (نعم) ؛ فكعادتي يجدرُ بكَ انتظارُ ما هو قادم ، وإنْ كنتَ تحملُ بقلبكَ (لا) سأصحبكَ معي بجولة ٍ يُفترضُ بعدها تصديقي واقتناعُك بكل ما سأرويه ، وصاحبُ إجابة نعم ، أعد قراءة أسئلتي والتمعُّن بها علَّك تغيِّر رأيَك وتتبعُني برحلتي . بدايةً سأعودُ لأولِ درسٍ فيزيائيّ نأخذُه بسن التَّاسعة أو ربما أقل عمراً عن مفهوم التجاذُب والتنافُر بين الموجب والسالب مع بعضها البعض ، تتجاذبُ المختلفة وتتنافرُ المتشابهة كما هو الحال بالمِغناطيس . وعودةً أيضاً لأوائل دروسُ الكيمياء العامَّة ، فإنَّ جميع الموادِ والأجسام مكونةٌ من ذراتٍ لكلِّ ذرةٍ نواتُها المُحاطة بمداراتٍ تتمركزُ بها الإلكترونات تدورُ بسلام . فإنْ أنت بقيت واقفاً كما طلبتُ منك ، فإنَّ جسمَك وتحديداً قدمَك تحوي عدداً لا يعدُّ من الذرات كما هو بالفعل عندَ الأرض ، أمَّا عن إلكترونات نواتِك فهي بالطبع ستتنافرُ مبتعدةً عن إلكترونات الأرض طِبقاً لأوَّل درسٍ مما يؤكد أنَّك لا تلمسُ الأشياء حقاً وإنما ما تُحدِثه أنت مجردَ الاقترابِ فحسب ؛ فمن الإستحالة أن تتلاصقَ نواتُك مع الأرض كوحدةٍ واحدة ، وبالتالي نصلُ إلى استحالة لمسككَ للأشياءِ حولك . مقتنعٌ أليس كذلك ؟! حقيقةً ، لا أنتظر إجابةٍ منك ولكن أنتظرُ منك أن تتابع قراءة مقالي هذا . عندما لمستْ يدكَ يدُ صديقك فإنَّك من المؤكدِ أنَّك شعرتَ برعشةِ مودةٍ تعلمك كم تخفي بداخلك مشاعرٌ تجاهه ، ولكن يدك وصديقُك مشابهة لأي شيء آخر ومطابقة لمفهومِ تنافر الإلكترونات ، تتساءلُ عن الرَّعشة فما هي إلا قوة نتجت عن تدافُع تلك الإلكترونات . ختاماً ، يتسنَّ لوالدتك أن تلمسك بكلِّ ما فيك فقط وأنت تنمو بين أحشائها لاختلاط طعامكُم وشرابكُم ، ولأنَّك يا عزيز قليلُ النشاط أثنائها وتمتاز غاليتك بتحفيز نُواتها كما هو الحال لمن يتناولون الموز بكثرة والأطعمة الغنيَّة بالبوتاسيوم . أُنهي بأنَّ لكلِّ أمر نفسيٍّ لا صِحة له بالمُطلق ولا بالنَّفي أيضاً ، يحتمل تعددَ الأفكار والأراء والدِّراسات .