المادة المضادة

بسعر 62.5 تريليون دولار للغرام الواحد، تُصنّف المادة المضادة على أنّها الأغلى في الطبيعة! على ما هو محقّق، فجميع ما يشكّل الكون هو مادّة. أمّا ضدّ المادّة (المادّة المضادة)؛ فهي تتكون من جسيمات مضادّة لنفس الجسيمات التي تتكوّن منها المادة العادية؛ حيث تتكوّن المواد من ذرّات والذرّات من جسيمات موجبة وسالبة (إلكترونات سالبة الشحنة تدور حول بروتونات موجبة الشحنة). يتشكّل مفهوم الذرّة المضادّة في انعكاس وتضادّ طبيعة المواد، أي أنّها تتكوّن من إلكترونات موجبة الشحنة تدور حول بروتونات سالبة الشحنة. ولكن ما يفسّر حقيقة أهمية هذه المادّة لا يكمُن في ماهيّتها المعكوسة! إنما يكمُن في نتائج تقريبها من المادّة العادية... وهي الفناء! إنّ اختلاف الشحنات في ذرّات المادّة المضادّة وذرّات المادّة العاديّة يعني انجذاب كبير جدًا بينهما يُحوّل كليهما إلى طاقة حسب معادلة آينشتاين الشهيرة (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربّع سرعة الضوء) E=mc^2 ومن هنا فإنّ المادّة ستفنى تاركة كمّاً أكبر من هائل من الطاقة خلفها، فلو افترضنا وجود مشبك ورق من المادّة العاديّة ومشبك ورق متماثل من المادة المضادة فإن تقريب أحدهما إلى الآخر يُنتِج طاقة مقدارها يقارب عشرين ضعف ما يلزم لإطلاق مركبة فضائية في الفضاء! وبالطبع يُسبّب اختفاء كلا المشبكين! كميّة الطاقة الناجمة من تفاعل المادّة المضادّة مع موادّ الطبيعة يجعلها في قمّة قائمة الموادّ الأكثر خطورة في العالم، إلّا أنّ ما تم تصنيعه من هذه المادّة -حيث لا يوجد أيّ مصدر طبيعي لها في الكون- قليل جدًا وكان لغرض الدراسات، وذلك نظرًا لصعوبة تصنيعها؛ حيث تُصنع في مصادم هيدرونات كبيرة ولكن سرعان ما تتلاشى الجسيمات المضادّة الصغيرة بعد تصنيعها وهذا يعني أنها عمليًا لا تُشكّل أيّ خطورة. واللغز الأكبر المُحيّر حول هذه المادّة يتعلّق ببداية نشأة الكون عندما كان صغيرًا جدًا ومكوّناً من حرارة هائلة؛ حيث يُفترض بهذه الحرارة أن تكون قد شكّلت كمّيّات متساوية تمامًا من المادّة والمادّة المضادة في الكون، غير أنّ كوننا الحالي لا يتكوّن إلّا من مادة فقط!