أثر الفراشة - The Butterfly Effect

فراشة.. إعصار. ما الرابط بين هذا الكائن الصغير البسيط ذو التأثير الذي يكاد لا يذكر، بذلك الحدث الطبيعي الهائل الذي من شأنه أن يدمر مدناً بأكملها؟! لنبيّن هذا الارتباط العجيب علينا أن نعود إلى ستينيّات القرن الماضي عندما خرجت هذه الفكرة المجنونة، وبالتحديد إلى عام 1961، حيث كان عالم الرياضيات والأرصاد الجوية ""إدوارد لورينز"" يتفحص سلسلة نتائج ومخرجات من النظام الذي ابتكره لتوقع التغيرات التي قد تطرأ على الجو، وحتى يتأكد من هذه المخرجات فقد أعاد الفحص مرة أخرى مع وضع النتائج التي حصل عليها من الفحص الأول، لكن هذه المرة بدأه من منتصف العملية بدلاً من بدايتها لغايات السرعة. ما وجده لورنز جعله يتعجّب، فقد بدأت النتائج مماثلة للفحص الأول، لكن مع مرور الزمن (بالأشهر حيث أن النظام يبين التغيرات لأشهر قادمة) بدأت نتائج الفحصين تختلف تدريجياً إلى أن أصبحت لا تمتّ بِصلة فيما بينها! بحث لورنز عن سبب هذا التغير العجيب إلى أن وجد السبب. إن النتائج التي حصل عليها من ورقة النتائج بعد إجراء الفحص الأول، والتي وضعها في الفحص الثاني كانت تحوي ثلاث خانات فقط، في حين كانت ذاكرة الكمبيوتر تحتوي على ستة خانات. فعندما تم طباعة النتائج الأولى قام الكمبيوتر باختيار أول ثلاث خانات فقط من النتائج بهدف تقليل المساحة المستخدمة من الورقة قدر الإمكان، الأمر الذي غير المخرجات النهائية بشكل هائل. ومن هنا خرجت هذه الفكرة: أن تغيراً ضئيلاً جداً، بحيث يعادل التغير الذي ينتج عن حركة جناح فراشة بما يحيط بها، قد يؤدي إلى إحداث تغيرات عظيمة في المستقبل! بناءً على ما سبق فإن أي حدث بسيط من شأنه أن يُحدث نتائج غير متوقعة تؤثر على ما سيحدث في أسابيع، أشهر، أو سنين قادمة. وحتى تتضح الصورة لديك بشكل أكبر فإننا سنأخذ مثالاً غاية في البساطة: لنفرض أنك الآن تسير بشكل مستقيم في صحراء مقفرة وكل ما حولك عبارة عن رمال، وأنك اذا استمريت بالمسير لعشرة كيلومترات بنفس الاتجاه ستصل إلى مدينة ما، فإن إزاحتك عن مسارك بمقدار أجزاء من الألف من الزاوية لليمين أو اليسار والاستمرار بالسير باستقامة بعد هذه الإزاحة سيؤدي بك بعد عشرة كيلومترات إلى مكان مختلف تماماً عما هو متوقع! من هنا يتبين لنا أن إزاحة بزاوية قد تكون لا تُذكر أدت إلى إحداث تغير هائل على النتيجة! تندرج نظرية ""أثر الفراشة"" أو ""The Butterfly Effect"" تحت نظرية أخرى تسمى ب ""نظريّة الفوضى – Chaos Theory"". كلا النظريتين تفسّران العديد من الأمور التي نواجهها في الحياة، كسبب فشل التوقعات الجوية في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، كثيراً ما نسمع أن الأيام القادمة تحمل معها عاصفة ثلجية، لكن عند حلول تلك الأيام فإننا نجد الطقس يخلو تماماً من الثلج وفي بعض الأحيان من الغيوم! يعود السبب إلى أن المنخفض تم التأثير عليه بفعل عوامل أدت إلى إزاحته عن مساره الأصلي إلى أن جعلته يصل إلى مكانٍ مختلفٍ تماماً. وبنفس النمط، فإن أبسط الأمور التي قد تقوم بها في حياتك من الممكن أن يكون لها وقعاً كبيراً في حياتك مستقبلاً!