Wow! Signal

هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ كان هذا السؤال هو مفتاح انطلاق أول عملية بحث عن مؤشرات ذكاء من خارج الأرض في الفضاء في سبعينيات القرن الماضي. ففي عام 1973م بالتحديد، بدأ جهاز الرصد الراديويّ الخاص بجامعة ولاية أوهايو الأمريكية (والذي يطلق عليه الأذن الكبيرة) بتفحّص هذا الفضاء الصامت عن أي بثّ غير بشري من خارج الأرض. في الثامن عشر من أغسطس، عام 1977، كان البروفيسور المتطوع جيري إيهمان يفحص قراءات الأذن الكبيرة (والتي عادة ما تكون 1، 2، واحيانا قد تصل ل 3 أو 4)، الا انه واجه شيئاً مختلفا هذه المرة، لاحظ وجود عدد من الأرقام والأحرف التي تشير الى وجود على وجود بث راديويّ من الفضاء أكبر ب 30 مرة من القراءات الاعتيادية الناجمة عن الإشعاع الكوني! من شدة المفاجأة، أمسك إيهمان بقلم ورسم دائرة حول هذه القراءات وكتب الكلمة "Wow !". استمر هذا البث لمدة 72 ثانية، ولم يستطع أحد معرفة مصدره حتى الآن. ويعتبر حتى يومنا هذا أقرب اتصال (محتمل) مع كائنات غير أرضية. والآن نأتي للحديث بشكل مفصّل أكثر عن هذه الظاهرة. - آلية البحث توقع العلماء أنه اذا وجد أي نوع من الذكاء غير البشري (أو الكائنات الفضائية كما يسميها البعض) في الفضاء، لا بد انه يعرف عن الموجات الراديوية والكهرومغناطيسية. كما توقعوا أن هذه الكائنات الفضائية كالبشر، لا تمتلك مقدار لا نهائي من الطاقة لكي تقوم بالإنتقال بالفضاء بحثاً عن "أصدقاء"، وإنما أفضل طريقة لديها حتى تدل على وجودها هو بث اشارة عبر الفضاء. لكن ما هي أفضل وجهة ممكن أن نوجه تلسكوب راديوي لها حتى نزيد فرصة رصد اشارة من الفضاء؟ أفضل اقتراح كان من قِبل الفيزيائيان فيليب موريسون وجوزيبي كوكوني في ستينيّات القرن الماضي (أي في فترة دراسة بناء تلسكوب راديوي لأول مرة). اقترح الفيزيائيان أنه اذا وُجدت كائنات غير بشرية ذكية بشكل كافٍ لفهم الموجات الكهرومغناطيسية فإنها ستستخدم أكثر تردد ملائم لبث إشارة عبر الفضاء، والتي يتم اشعاعها من أكثر العناصر شيوعاً، الهيدروجين. لذا ستستخدم هذه الكائنات تردد 1420 ميغاهيرتز (أو ما يسمى خط الهيدروجين) من أجل بث إشارة عبر الفضاء. لكن كل هذا يقع تحت ظل الفرضيات. وعندما تم بناء "الأذن الكبيرة" بدأت رحلة البحث عن أي بث من الفضاء. يقوم التلسكوب الراديوي بالبحث في رقعة ضئيلة من السماء عن أي إشارة يزيد ترددها عن 1420 ميغاهيرتز، وبعدها ينتقل إلى رقعة أخرى من السماء وهكذا. وفي عام 1977 تم رصد أول إشارة تتعدى هذا التردد، الأمر الذي فاجأ الجميع. - قضية هذا الإشارة العجيبة ما الذي جعل العلماء تعتقد أن هذه الإشارة قادمة من كوكب لكائنات فضائية؟ بداية، كان تردد هذه الإشارة (التي أطلق عليها "Wow! Signal") مساوٍ لِ 1420.4556 ميغاهيرتز، أي تقريبا كما توقع الفيزيائيان موريسون وكوكوني قبل عقد من اكتشاف الإشارة! الأمر الآخر الذي دعم اعتقاد العلماء كان شكل الإشارة. لحظة رصد الإشارة كانت قراءة التلسكوب (6)، ثم قفزت القراءة الى (E) (نظام الكمبيوتر يحجز فقط خانة واحدة لكل قراءة، لذا فأي قراءة تزيد عن 9 يصبح تمثيلها بالأحرف، وفي هذه الحالة القراءة (14) تم تمثيلها بالحرف E) ومن ثم ازدادت القراءات تدريجيا الى أن وصلت الإشارة الى قمتها (U) التي تعادل القراءة (30)، ثم بدأت بالانخفاض تدريجياً، لذا هذه الإشارات رسمت شكل هرم متماثل الى حد كبير. واجهت نظرية ال "Wow! Signal" معارضة من البعض نظراً لاعتقادهم باستحالة وجود حياة في الفضاء الخارجي. لكنها تبقى إلى يومنا هذا من الأمور التي لم يستطع العلم تفسيرها.