هل من آخر في جوفك ؟ إن كنت تشعر بذلك حقاً ، فأهلاً بكَ بحديثٍ من نوعٍ آخر ، مطول يستقطب عقلكَ والقليل من نفسكَ البشرية وأحتاج بعضاً من هدوئك ، وأُوجه اعتذاراً لمن يحملونَ إجابة (لا) يمكنهم إنتظار ما هو جديد ! بدايةً عزيزي ، ما تم تداولهُ بكتبنا عندَ تلكَ الطفولةُ العارمةْ بأنك شخص متناصف لك من أُمكَ ومن أبيكَ الشبه وقسماتُ الوجه وزراق العينين صحيحٌ بالمطلق ، بدأتَ مشاركتهم بتفاصيلٍ داخليةٍ ، تمتاز بعمقها بأن حمضكَ النووي ( أي المادة الوراثية ) ما هو إلا انتزاعكَ جزءاً من والديكَ مغروساً بما يحمله من صفاتٍ وراثيةٍ نراها الآن فيكَ أو طباع تُمارسها بحياتكَ وأيضاً مُحملةً بالفيروساتِ والجراثيمِ والبكتيريا السائدة ، وربما أيضاً أشخاص ! لا تُحدث ارتباكاً ، لم أقصدْ أشخاصاً بحذافيرِ الكلمةِ ولكنْ متوقع ! استكمالاً لمراحل استقبالكَ لعالمكَ بصراخات اختباراً لفتحِ رئتيكَ ، وركلاتك لرحمِ أُمكَ المتعبةَ ، فإن كنتَ أحد أشقاءِ التوأمِ ، أودُ إعلامكَ بأن خلاياكَ وخلايا شقيقكَ بحالةِ تجوالٍ دائمٍ بينكم وأنتم في النشوة الأولى ، ثم تستقرُ بعدها معلنةً أنكَ أخذتَ بعض تصرفاتِ أخيكَ وستشعرُ لاحقاً بأنه يعيش معك وبداخلك للأبد . من ولدَ شخصاً واحداً لا تستعجل الأمر ، فيجدرُ بكَ تصديق بأن احتماليةُ أن تكونَ فصلاً من توأم كانت واردة ، لذا من المتوقع أن يكونَ لديكَ خلايا متضادة ولها تأثيرٌ على سلوكياتكَ وبآخر اللحظات قدّر اللهُ بأن يجعلكَ إنساناً متفرداً . حسناً ، سأُقدم الآن تبريراً أخر علَّه يُجيب تدافق الأسئلةِ بعقلكَ ، تعلم بأن للجراثيمِ والميكروباتِ أنواعاً متعددةً منها ما هو مجهولٌ حتى وقتنا الحالي ! ولكن ، بعضها يتمركز بأعضائكَ على سبيل المثال معدتكَ ، تلك البكتيريا سترسلُ إشاراتٍ عصبيةٍ وسيالاتٍ للدماغ حتى تشعر بأنكَ تريدُ مالحاً ! وأنت لا تهوى المالح ! ، فإن هناك ما يحرككَ للملح دون أدنى إرادةٍ منكَ أو رغبة وهلُّمَ جرّا لما هو أكثرُ تعقيداً ومقارباً للمثالِ السابقِ . سأتجهُ إلى ما هو متفاوتٌ بيننا نحن بني البشر ، بداخلكَ حدسٌ لأمر سيءٍ فيزدادُ معدلُ نبضاتِ قلبكَ اضطراباً وكأن لقلبكَ قلبين ، وعندما تشعرُ أحياناً بنصيحةٍ وإرشادٍ لطريقٍ صواب كأن أحدهم يُمسك يدكَ ويُنجيك من المخاطرِ ، كُلها وغيرها والعديدِ منها أحاسيسٌ تجتاحُ صدركَ لتُرسل بأنك لست بوحيد ، لا تقلق ، فكلها مشاعرٌ بداخلكَ تُترجم لأفعالٍ ولست بداءٍ على وجهِ العمومِ ... سأُنهي باقتباس قاله الباحثُ (بيتر كرامر) من جامعةِ بادوفا الإيطالية وهو : "" تتصارعُ أعداد كبيرةً جداً من أنواعِ الكائناتِ الحيةِ البشريةِ وغير البشريةِ داخلَ أجسامنا "" وما زالت محاولته لجعلِ مقولته حقيقةً تناشدُ العالمِ أجمع . والآن ، هل شعرت بأن هناك شخصاً يقرأُ معك ؟!