الاعلام الاجتماعي وقدرته على احداث تغيير

إنّ الإعلام بكيانه الحاليّ يُعدّ أداة فاعلة في تكوين الرأي العام، ولم يعد مقتصرًا على تلقيه المعلومة أو الخبر فقط، إنّما نجح بقدرته في التأثير على سلوكات المجتمع وفكره وعقليّته، وكان ذلك إثر ثورة المعلومات والتطوّر الهائل لوسائل المعلومات، وبات الإعلام يحمل العديد من الجوانب السلبية عقب توظيفه فيما يهدّد ثقافة الأمّة ودوره في خلط قيم وثقافات الأمم المختلفة التي قد تتعارض لحدٍ ما مع التصوّر الإسلامي السليم, رغم ذلك لا يمكننا تجاهل نجاح الإعلام الحديث وتفوّقه بشكل كبير على وسائل الإعلام التقليدية وقدرته على جعل العالم قرية صغيرة فعلًا. تنغرس جذور الإعلام في حياتنا وأنفسنا وصولًا لإحداث تغيير, ربّما يكون في الموقف والاتجاه أو في المعرفة، وقد يمتدّ للقيم. يعتمد دماغ الانسان اعتمادًا كليًّا على ما يملكه من معلومات تجاه قضية ما موظفًا المنطق السليم لتحديد الموقف والاتجاه، وهنا يكمن دور الإعلام بالتأثير على تلك العملية لفاعليّته في نقل المعلومات بسرعة كبيرة وبزمن قريب من لحظة حدوث الحدث. وتبعًا لتناقل الأخبار عبر وسائل الإعلام دون التحقق من مصداقيتها، فقد يصبو على تكرار المعلومة وحي التأكيد وهنا قد يغدو الدماغ محدّدًا اتجاهًا آخر من القضية ربّما يكون بعيدًا عن الصواب بغياب المصداقية وخصوصًا أن الإعلام الحديث لا يُعدّ إعلامًا نحوي ولم يعد مرتبطًا بجهات رسمية مختصة، بل أصبح متاحًا للجميع بغياب المؤهلات التي تخوّل الأشخاص القيام بذلك. ‎وبعد أن نجح الإعلام بإحداث تغيير في الموقف والاتجاه؛ يمكننا القول هنا: يستمر الإنسان باحثًا عن جوانب الموقف الجديد لتكوين قاعدة من المعلومات محققًا مفهوم المعرفة، وعندها يبدأ الشخص بتداول معرفته حسب وجهة نظره الخاصة محاولًا إقناع الآخرين بما يملك من معرفة على شكل معلومات يتقاضاها المُتلقي محددًا بها موقف! ‎كما ويمكننا تمثيل نموذج مبسّط يوضّح التزايد الضخم في مقدمي المعلومة ومستقبليها: ففي مساء يوم الجمعة 15 يوليو 2016، نجحت وسائل الإعلام الحديث بالمساعدة في إفشال انقلاب عسكريّ في تركيا؛ حيث خرج الرئيس التركي ""رجب طيّب أردوغان"" في اتصال عبر تطبيق فيس تايم، بُثّ عبر القنوات التلفازية مخاطبًا به الشعب التركيّ، داعيًا إياهم للنزول العاجل للميادين والبقاء فيها حتى القضاء على التحرّك التمرديّ لثلة من أفراد الجيش، وتمّ الأمر خلال مدّة تقل عن 12 ساعة. لا يمكننا إنكار حقيقة أنّ وسائل الإعلام تلعب دورًا فعّالًا يؤثر في الأفراد والمجتمعات وقد تصل لتكون سببًا بإحداث تغيير... قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾. العاقل من يتحقّق من الأخبار والمعلومات قبل العمل بها ونحن اليوم نرغب بإعلام راشد هادف للتنمية والنماء يعمل على ربط العالم بحقيقته.